الملخص:
من أهداف القرآن الكريم، تعريف الناس بحقائق العالم الخفيّة والسامية، والتي يشير إليها بـ «الغيب»، والإيمان بها هو الشرط الأوّل للإستفادة من هداه؛ ومن مخلوقات هذا العالم الخفيّ الملائكة، الذين يلعبون ـ بشهادة آيات القرآن ـ دوراً في العديد من مجالات الحياة البشريّة، بما في ذلك ولادة البشر، وتسجيل أعمالهم، وإبلاغ رسالة الله إلى الرُسُل، وقبض أرواح البشر، وانتقالهم إلى النشأة الأُخرى. إنّ الفهم الصحيح لحقيقة الملائكة، وخصائصهم، وموقعهم في نظام الوجود، ورسالتهم، يمكن أنْ يؤدّي إلى تكوين معتقدات صحيحة عنهم، ويلعب دوراً مهمّاً في عمليّة تحصيل التقوى؛ بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الإيمان السليم بالملائكة، من منظور القرآن، هو جزءٌ لا يتجزأ من الإيمان. فيما يتعلّق بحقيقة الملائكة وخصائصهم، هناك آراء مختلفة بين مفسرّي الفريقين؛ إنّ حقيقة الملائكة، وتجرّدهم أو عدم تجرّدهم، وإرادتهم، واختيارهم، وسعة رسالتهم، هي من المسائل الخلافيّة الهامّة بين مفسرّي الشيعة وأهل السنة. يهدف هذا التحقيق، في ضمن تقديم تقرير ممنهج لآراء مفسرّي الفريقين فيما يتعلق بحقيقة الملائكة وخصائصهم، إلى تلخيص ومقارنة هذه الآراء، من أجل توضيح النقاط المشتركة والاختلافات بين علماء الشيعة وأهل السنة فيما يتعلّق بهذه القضيّة القرآنيّة المهمّة، وفي الحالات الممکنة سيتمّ الكشف عن أصل هذه الاختلافات. يمكن للفحص المفصّل والمنسجم عن حقيقة الملائكة وخصائصهم من منظور تفاسير الفريقين، أنْ يوفّر الأرضيّة للحكم العلميّ بين آراء مفسّري الشيعة وأهل السنة حول إحدى المواضيع المركزيّة في القرآن، وأنْ يكشف تفوّق النظرة السائدة عند مفسّري الشيعة في ضوء بيانات أهل البيت (عليهم السلام). منهج الدراسة في هذا التحقيق وتجميعه، هو منهج المكتبي، وأداة جمع المعطيات على أساس تجميع المذکّرات؛ كما أنّ منهج التلخيص والمقارنة بين آراء المفسّرين فيما يتعلّق بمسائل هذا التحقيق هو الوصفي ـ التحليلي؛ ومن أجل تطوير خطوات هذا البحث، قمنا أولاً بتحليل مسألة البحث الأصليّة إلى أسألة فرعيّة (المسائل المحوريّة للأطروحة)، واختيار الكلمات المفتاحيّة المتعلّقة بكلّ مسألة، وتحديد الآيات المرتبطة بالمسائل المحوريّة لهذه الأطروحة؛ بعد ذلك تمّ تحديد أهم تفاسير الفريقين، وتمّ فحص آراء المفسّرين ذيل الآيات المرتبطة بحقيقة الملائكة وخصائصهم في القرآن وتصنيفها، وأخيراً قمنا بتلخيص ومقارنة آراء مفسّري الفريقين حول المسائل المحوريّة لهذه الأطروحة؛ وبمقارنة تفاسير الفريقين (الشيعة وأهل السنّة) في المسائل المرتبطة بالملائكة، يتبيّن أنّه لا يوجد فرق كبير بين مفسّري الفريقين في أغلب الموارد، خاصّة في الموارد التي يكون فيها لآيات القرآن إجابة صريحة للمسائل المطروحة؛ وإذا كان هناك اختلاف، فإنّه يعود عادتاً إلى المسألة الأساسيّة المتمثّلة في خروج إبليس أو دخوله إلى صفّ الملائكة؛ وتسبب هذا الاختلاف الأساسي، فوارق في آراء مفسّري الشيعة وأهل السنّة حول الحقيقة، والعصمة، والإختيار، والشهوة، في هذه التفاسير. وفي المجموع، تُظهر المقارنة بين آراء مفسّري الشيعة وأهل السنّة، أنّ آراء مفسّري الشيعة بالقياس إلى آراء مفسّري أهل السنّة، بسبب الاستفادة من المعطيات العقليّة المسلّمة، والإعتماد على روايات أهل البيت (عليهم السلام)، هي أكثر توافقاً مع مقام ومنزلة الملائكة في القرآن، والرسالة التي تركت على عاتقهم من قِبَل الله سبحانه.
الكلمات المفتاحيّة: تفاسير الشيعة، تفاسير أهل السنّة، خلق الملائكة، حقيقة الملائكة، اختيار الملائكة، إرادة الملائكة، واجبات الملائكة، عصمة الملائكة، علم الملائكة.